بلاغ عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري
عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري اجتماعاً موسعاً برئاسة أمينها العام الرفيق عمار بكداش وذلك يوم 25-11-2022. حضر الاجتماع إلى جانب أعضاء اللجنة المركزية أعضاء لجنة الرقابة.
ولدى بحثها الوضع السياسي رأت اللجنة المركزية أنه يستمر احتدام الوضع العالمي، من جميع النواحي، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. إذ تشتد علائم التأزم الاقتصادي في غالبية دول العالم. وأصبح حتى الاقتصاديون البورجوازيون ينذرون بحتمية قدوم أزمة اقتصادية كبيرة في الأفق القريب المنظور. وأكثر الدول تضرراً من تدهور الوضع الاقتصادي بلدان الأطراف الرأسمالية خاصة غير النفطية منها. فبعدما أعلنت سيرلانكا عن إفلاسها، وعدم قدرتها على سداد التزاماتها، هناك العديد من الدول تقف على حافة الإفلاس وبالدرجة الأولى تلك الدول التي طبقت إملاءات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بحذافيرها. هذا الوضع يؤدي إلى زيادة إملاق غالبية الشعب في تلك البلدان، وهناك ملايين من الناس مهددة بخطر المجاعة، حسب تقديرات خبراء هيئة الأمم المتحدة.
كما أن معالم التأزم وقدوم الأزمة الشديدة تظهر في المراكز الإمبريالية وخاصة في دول أوروبا، حيث يشاهد تقلص في إنتاج فروع صناعية مهمة إلى جانب كساد كبير في الفروع الخدمية نتيجة هبوط القدرة الشرائية للسكان في ضوء ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء وبالتالي أسعار التدفئة وكذلك أسعار مواد غذائية أساسية. ولم تشهد أوروبا مثل هذه الوتائر من التضخم والإفقار منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. هذا الوضع يؤدي إلى تقليص سلة المشتريات والاستغناء عن الخدمات غير الضرورية. والأكثر تضرراً من هذا الوضع المنشآت المتوسطة والصغيرة المرتبطة بالاستهلاك المباشر للجمهور الواسع. ويجري إغلاق العديد من هذه المنشآت مما يزيد نسبة البطالة وبالتالي إلى توسع دائرة الفقر.
ولم يتجنب المركز الامبريالي الرئيسي- الولايات المتحدة الأميركية- مظاهر التأزم. فبالرغم من الانتعاش النسبي للمجمع الصناعي العسكري الأميركي بسبب الأزمة الأوكرانية وزيادة الطلب على منتجاته في ضوء سباق التسلح، إلى جانب الزيادة الكبيرة في عوائد الاحتكارات البترولية الأميركية المسيطرة بقوة على الأجزاء الأساسية من سوق النفط العالمي، إلا أن مظاهر التأزم تتفاقم في فروع مهمة أخرى من الاقتصاد الأميركي. فشركات مهمة في مجال التكنولوجيا الرقمية سرحت عدداً كبيراً من العاملين لديها وكذلك هو حال شركات كبرى لمبيع السلع الاستهلاكية بالأسلوب الإلكتروني. وهناك عشرات الآلاف من العمال والموظفين المسرحين والوتيرة تتجه نحو الارتفاع. ومن الواضح أن انتعاش بعض الفروع في الاقتصاد الأميركي ما هو إلا كابح مؤقت للأزمة الاقتصادية الدورية، ممكن أن يخفف من بعض أعراضها ولكنه لن يفيد في تفاديها. إذ أن الأزمة الدورية الرأسمالية هي صفة عضوية ملازمة لأسلوب الإنتاج الرأسمالي. فمن أجل القضاء على الأزمات الاقتصادية وعواقبها الاجتماعية، يجب القضاء على أسلوب الإنتاج الرأسمالي.
وفي جو التأزم والأزمات تزداد وضوحاً ملامح قانون الغاب الرأسمالي، وتزداد شراسة النزعة التوسعية الامبريالية وفي أقصى تجلياتها العدوانية العسكرية. والتناقضات ما بين المراكز الامبريالية، والتي تأخذ أشكالاً اقتصادية وسياسية وعسكرية ليست دائماً متطابقة في الاتجاه. فالنزاع العسكري في أوكرانيا والذي يصور أنه سبب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم، هو عملياً نتاج هذه الأزمة الذي يعمق بدوره عواملها. ودول حلف شمال الأطلسي تظهر عموماً وحدة صفها سياسياً في مواجهة روسيا وفي دعم أوكرانيا عسكرياً. ولكن في الوقت نفسه يجري تضييق الخناق الاقتصادي على أوروبا من قبل حليفها الأكبر في حلف شمال الأطلسي- الولايات المتحدة الأميركية. فأميركا تستفيد من هذا النزاع سياسياً في رص صفوف المعسكر الامبريالي التقليدي حولها وفي الوقت نفسه تضرب مواقع حليفها اللدود الامبريالية الأوروبية الغربية. وما يساعدها على ذلك هو الارتباط الوثيق لجزء مهم من الطغمة المالية الأوروبية والساسة الذين يمثلونها مع مصالح الاحتكارات ما فوق القومية إلى جانب الانضباط في مجال التحالف الأطلسي للحكومات الأوروبية على مختلف شاكلاتها من أقصى اليمين وصولاً إلى الاشتراكيين الديموقراطيين. كما أن للصهيونية العالمية باع طويل في تكون مثل هذه الحالة، كونها الممثل الأبرز لكوسموبوليتية الرأسمال.
ويبقى التناقض بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية الصين الشعبية هو المحور الرئيسي للتناقضات الدولية، كونهما المتنافسين الأقوى اقتصادياً على المستوى العالمي. وتزداد المنافسة فيما بينهما في شتى المجالات، بما فيها المجابهة من أجل زيادة النفوذ الاقتصادي والسياسي بل والعسكري في العديد من بلدان الأطراف الرأسمالية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية بغض النظر عن طبيعة الأنظمة في تلك الدول.
إلا أن هاتين الدولتين العملاقتين قامتا بخطوات تؤدي إلى تخفيف مظاهر المواجهة المباشرة فيما بينهما: إذ أنه بعد اللقاءات على المستوى العالي بين زعامات هاتين الدولتين تراجع تدريجياً الضجيج حول مسألة تايوان. وجرى الإعلان بأن المنافسة مستمرة ولكن دون أن تؤدي إلى صدام. ويعزى التغيير في تكتيك الامبريالية الأميركية إلى انتظار نهاية الأزمة الأوكرانية ونتائج عملية تحجيم أوروبا.
كما أن هاتين الدولتين تسعيان للاستفادة من تقلص نفوذ روسيا في آسيا الوسطى. فبالرغم من المساعدة المباشرة التي قدمتها روسيا إلى الحكومة الكازاخية في كانون الثاني 2022 في قمع الحركة الاحتجاجية الواسعة، إلا أن الحكومة الكازاخية تعلن حالياً أنها تتبع خطاً مستقلاً تماماً عن روسيا. فإلى جانب التباين السياسي الواضح، تعمل الحكومة الكازاخية إلى إيصال حوامل الطاقة وثروات باطنية أخرى إلى الغرب بطرق موازية، إلى جانب تعزيز صلاتها الاقتصادية مع الغرب والصين. وتشترك كازاخستان مع دول أخرى في آسيا الوسطى، ما عدا طاجكستان، في مشروع الاتحاد الطوراني الذي طرحته تركيا.
كما تفقد روسيا مواقعها في منطقة ما وراء القوقاز. فنتيجة المستجدات الأخيرة للنزاع الأذربيجاني الأرمني حول ناغورني كارباخ، أعلنت الحكومة الأرمنية توجهها للغرب من أجل المساعدة لحل هذا النزاع. وقد دعمت مواقف الحكومة الأميركية وزيارات مسؤولين فيها إلى أرمينيا، وكذلك قرار مجلس الشيوخ الفرنسي المؤيد لأرمينيا والموقف الرسمي الفرنسي بشكل عام، هذا التوجه الغربي لحكومة أرمينيا. وكانت أرمينيا تشكل آخر مرتكز لروسيا فيما وراء القوقاز، إذ أن أذربيجان خاضعة تماماً لتركيا. وقدمت جورجيا طلباً للانضمام إلى كل من حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، مع استمرار توطيد علاقتها مع هاتين المنظومتين الامبرياليتين.
ومن أحد مظاهر ازدياد حدة التأزم التي تشهده المراكز الامبريالية احتدام وتيرة المواجهة بين العمل والرأسمال الناتجة عن هذا التأزم والمعمقة له. فقد شهدت العديد من الدول الأوروبية تحركات عمالية واسعة مطالبة بوقف تدهور الوضع المعيشي. وفي بعض هذه الدول حيث توجد مواقع مهمة لقوى اليسار تضافرت المطالب الاجتماعية مع مطالب سياسية موجهة ضد سياسة الطغم الحاكمة كما حدث في تشيكيا وفرنسا وخاصة في اليونان حيث أقيم إضراب عام يوم 9 تشرين الثاني تحت شعارات طبقية واضحة طرحتها النقابات اليسارية بقيادة الشيوعيين اليونانيين. وفي ظل الوضع القائم يتعمق الاستقطاب الطبقي في الدول الأوروبية. وحتى في الولايات المتحدة الأميركية جرت عدة تحركات عمالية، ولكن تحت شعارات مطلبية بحتة.
إن اشتداد بوادر الأزمة تجعل الحكومات الامبريالية في حالة تخبط ناتج عن عجزها في معالجة الوضع الخطير. وخير دليل على ذلك المهزلة التي شهدتها بريطانيا من خلال التغييرات التي جرت في حكومتها. كما أن الانتخابات النصفية الأميركية لم تأت بشيء جديد يذكر. فإلى جانب الوضوح في زيادة وتيرة العدوانية الخارجية للدول الامبريالية هناك غموض في إيجاد سبل لمعالجة الأزمات الداخلية.
وتبقى حالياً الحرب في أوكرانيا أبرز التجليات للمواجهة الامبريالية على النطاق العالمي. هذه الحرب التي يتضح أكثر فأكثر أنها ستأخذ شكل حرب استنزافية طويلة الأمد، خاصة بعد تراجع القوات الروسية في بعض مقاطع جبهة القتال، وتحولها إلى ضرب منشآت البنية التحتية الأوكرانية. إن هذا الشكل من الحرب يستنزف مقدرات كلا الطرفين المتصارعين، إلى جانب أنه يحمل في طياته آثاراً بعيدة المدى على الوضع الاقتصادي العالمي.
ولدى بحثها الوضع في المنطقة العربية وشرقي المتوسط رأت اللجنة المركزية أن هناك بؤراً عديدة تتأجج. إذ يزداد القمع والاضطهاد للشعب الفلسطيني من قبل اسرائيل الصهيونية التي لم تتوقف سياستها العدوانية التوسعية. وقد دلت نتائج الانتخابات التي شهدها الكيان الصهيوني على أن هذا التوجه القمعي والعدواني ستزداد مظاهره بدعم من غالبية سكان الكيان الغاصب. وتلقى الممارسات الإرهابية لإسرائيل الصهيونية مقاومة باسلة من قبل الشعب الفلسطيني بكل الأشكال من الاحتجاجات الجماهيرية وصولاً إلى العمليات الفدائية. وتعبر اللجنة المركزية عن دعمها للنضال العادل الذي يخوضه الشعب الفلسطيني وعن شجبها للمواقف التخاذلية الخائنة لتلك الأنظمة العربية المطبعة مع اسرائيل والمستمرة في تطوير علاقاتها مع الكيان الصهيوني بالرغم من المآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
كما أعربت اللجنة المركزية عن تضامنها مع النضال الذي يخوضه الشيوعيون السودانيون وكافة القوى الوطنية والتقدمية في السودان ضد الطغمة الديكتاتورية العسكرية الحاكمة المدعومة من قبل الأنظمة الرجعية العربية والموالية للامبريالية.
ورأت اللجنة المركزية أن الوضع الاقتصادي الاجتماعي في العديد من دول المنطقة ينذر بتحركات اجتماعية وسياسية واسعة في ضوء الزيادة السريعة لوتيرة إفقار الشعب وعجز الحكومات المطبقة للوصفات الاقتصادية الاجتماعية للمراكز الامبريالية في وقف التدهور المستمر.
ومن أخطر المظاهر التي تشهدها منطقتنا زيادة عدوانية تركيا ذلك الناب السام لحلف شمال الأطلسي. ومما يزيد من عدوانية تركيا تردي وتأزم الوضع الاقتصادي فيها وزيادة استياء الجماهير الشعبية من الواقع المعاش اقتصادياً واجتماعياً مما أضعف مواقع الحكم الظلامي الرجعي داخلياً. ويسعى حكم الأخوان المسلمين وواجهته ما يمسى بحزب «العدالة والتنمية» إلى التعويض عن الفشل الداخلي بتوسع خارجي. فبعد أن عززت تركيا مواقعها في منطقة ما وراء القوقاز، سعت إلى تطبيع علاقاتها مع عدد من الأنظمة العربية الرجعية وتوطيدها. كما أنها جنت وتجني مكاسب معينة من مجريات الحرب في أوكرانيا. وتقوم تركيا بتصعيد عدوانها على سوريا، التي تحتل أجزاء من أراضيها، ساعية إلى توسيع رقعة الاحتلال. هذا إلى جانب قيامها بأعمال عدوانية في شمال العراق. كل ذلك بذرائع واهية كان آخرها تفجير في اسطنبول مجهول الفاعل. إن اللجنة المركزية تدعو كل أحرار العالم إلى إدانة هذه السياسة التوسعية العدوانية للحكومة الإخونجية في تركيا وتحيي موقف الحزب الشيوعي التركي الذي أدان بحزم ووضوح السياسة الرعناء للحكومة التركية وعدوانها.
ولدى بحثها الوضع السوري رأت اللجنة المركزية أن من أهم المهمات الآنية التي تواجه البلاد وطنياً التصدي للعدوان التركي. إذ أنه إلى جانب القصف التركي المستمر لمناطق سورية في الشمال والشمال الشرقي هناك احتمال لهجوم بري تقوم به القوات التركية بمؤازرة العصابات الظلامية المسلحة. فهناك مزيد من الأراضي مهددة بالاحتلال الأجنبي، وهذا الأمر يقتضي من جميع القوى الوطنية في البلاد رص صفوفها ودعمها للجيش العربي السوري في ذوده عن أراضي الوطن.
وتعيد اللجنة المركزية التأكيد على أن المهمة الوطنية الكبرى تتجلى في استمرار الصمود الوطني السوري المشرف وتعزيز جميع مقومات هذا الصمود، في وجه عدوانية الامبريالية الأميركية وحلفائها الأطلسيين، وخاصة تركيا الأخونجية وإسرائيل الصهيونية. وإن الهدف الوطني الكبير الذي يجب أن تنصب عليه الجهود هو تحرير جميع الأراضي من رجس الاحتلال الأميركي والتركي والصهيوني.
ويؤكد الحزب الشيوعي السوري ما أكده مراراً على أولويات النضال الوطني المتجسدة في:
– الدفاع عن الاستقلال الوطني.
– الدفاع عن السيادة الوطنية الكاملة.
– وحدة التراب الوطني وتكنيس المستعمر من آخر شبر منه.
وترى اللجنة المركزية أن مهام الصمود الوطني في هذه الظروف الصعبة تقتضي صب جل الاهتمام على المجال الاقتصادي- الاجتماعي، وخاصة الدفاع عن الإنتاج الوطني وإعادة إحياء قطاعات أساسية منه والعمل الجاد من أجل تحسين ظروف عمل وحياة المنتجين وخاصة الجمهور الأوسع منهم، أي العمال والفلاحين وصغار الكسبة.
إن الجبهة الاقتصادية لا تقل أهمية عن الجبهتين السياسية والعسكرية. وأعداء الوطن يدركون ذلك ويعملون بهذا الاتجاه من خلال فرضهم الحصار الاقتصادي المطبق على سوريا من قبل الولايات المتحدة الأميركية والدول الحليفة لها من خلال سلسلة من الإجراءات العقابية الاقتصادية المجمعة بما أطلق عليه «قانون قيصر» مروراً بقطع المياه عن جزء كبير من سكان الجزيرة السورية من قبل تركيا وصولاً إلى تهريب النفط السوري ومحاصيل زراعية من قبل المعتدين وأعوانهم. كما أن سيطرة المعتدين على جزء مهم من منابع النفط والغاز يزيد مصاعب الوضع الاقتصادي الاجتماعي.
ويضاف إلى العوامل الخارجية في الحرب الاقتصادية المشنة على سوريا، النشاط الهدام لدوائر البورجوازية الطفيلية خاصة كبار المحتكرين والمضاربين والسماسرة الذين يحققون أرباحاً عالية بالتعاون مع العناصر البورجوازية البيروقراطيين من خلال نهبهم للدولة والشعب معاً. فهؤلاء يشكلون عملياً طابوراً خامساً في المجال الاقتصادي الاجتماعي، ولا يمكن تشخيص أفعالهم إلا كونها تخريباً اقتصادياً، يجب أن يواجه بضرب مواقعهم واستئصالهم من المجال الاقتصادي وصولاً إلى مصادرة أموالهم المنهوبة.
وترى اللجنة المركزية أن السياسات والإجراءات الحكومية المطبقة في المجال الاقتصادي الاجتماعي لا تلبي مطلقاً حاجات الصمود الوطني. فبالرغم من الإعلانات المتتالية حول التوجه لمكافحة الفساد، لم تتخذ أي خطوة عملية لقمع النشاط الطفيلي، بل حتى للحد منه. بل إن دور الطفيليين يزداد في مجالات حساسة خاصة في مجال تأمين المواد الضرورية للاستهلاك الشعبي.
ولم تطرح الحكومة أي استراتيجية متكاملة لاستنهاض القطاعات الإنتاجية الأساسية، بل هي متمسكة بالوصفات الليبرالية الاقتصادية تحت يافطة «التشاركية» وفتح مجال للرأسمال الخاص في المجالات الحيوية كقطاع الكهرباء. ويجري باستمرار تقلص دور منشآت الدولة الإنتاجية إلى جانب المصاعب الكبرى التي تعاني منها المنشآت الصناعية في القطاع الخاص بسبب تفاقم مشكلات حوامل الطاقة والكهرباء وصعوبة تأمين المواد الأولية وتقلص السوق الناتج عن تدني القدرة الشرائية.
ويعاني الإنتاج الزراعي من مشكلات وصعوبات جمة ناتجة عن ندرة مستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعارها بشكل كبير. وبالرغم من كل التصريحات الحكومية ونياتها المعلنة كإعلان عام 2021 «عاماً للقمح» والنية في الحصول على موسم جيد في عام 2022، إلا أن ما حصلت عليه مؤسسات الدولة من القمح والحبوب الأخرى كان أقل من حاجة السوق واستهلاك المواطنين مما يجعل البحث عن البدائل في الأسواق الخارجية وبالقطع الأجنبي مما يزيد من وتائر التضخم في البلاد، إضافة إلى أن إجراء الحكومة في دعم المنتوج النهائي عوضاً عن دعم مستلزمات الإنتاج يشكل عاملاً تضخمياً بحد ذاته. وفي حال الموسم الجيد كحال مواسم الحمضيات والزيتون، فهناك مصاعب كبيرة تواجه المنتجين والمستهلكين في آن بسبب ارتفاع تكلفة النقل ودور السماسرة الذين يحصلون على الربح الأكبر من تسويق هذه المحاصيل على حساب المنتج والمستهلك.
إن سياسة الحكومة المعتمدة على الفعل وردة الفعل في ظل غياب المنظور الاستراتيجي لحل المسائل الاقتصادية والاجتماعية الأساسية أدت وتؤدي إلى زيادة مظاهر الركود التضخمي والذي يتجلى في ركود الإنتاج وتندي المستوى المعيشي لغالبية الشعب الناتج عن الارتفاع المضطرد للأسعار.
وتلعب الموازنات العامة للدولة التي جرى اعتمادها في السنوات الأخيرة، دوراً كبيراً في زيادة مظاهر الركود التضخمي من خلال العجز الكبير الذي تضمنته هذه الموازنات. وتعمل الحكومة من أجل تقليص عجز الموازنة على رفع أسعار حوامل الطاقة والكهرباء والرسوم وغيرها من الضرائب غير المباشرة التي تتحمل عواقبها جماهير الشعب وتؤدي إلى زيادة مصاعب الفروع الإنتاجية. وبذلك يدخل الاقتصاد الوطني إلى حلقة مفرغة من الركود التضخمي. ومشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2023 يصب في نفس الاتجاه، إذ بدأت تظهر بوادر قفزة تضخمية جديدة خطيرة العواقب.
ترى اللجنة المركزية أن إيجاد موارد جديدة لخزينة الدولة يقتضي الإسراع في استثمار المكامن الواعدة للثروة الباطنية وزيادة دور القطاع العام في هذا المجال الحيوي.
إن الوضع الاقتصادي الاجتماعي الصعب الذي تعيشه البلاد يملي ضرورة الالتفات الجدي إلى مصالح الإنتاج والمنتجين، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال ضرب مواقع البورجوازية الطفيلية والبورجوازية البيروقراطية المتطفلتين على الإنتاج ومن خلال تعديل جذري في توزيع الثروة الوطنية والدخل الوطني لصالح المنتجين. وسيسهم في ذلك كخطوة جدية أولى تشميل كبار الأثرياء بشكل فعلي بنظام ضريبي تصاعدي فعال. هذا الأمر يمكن أن يؤمن موارد حقيقية لربط الأجور بالأسعار دون عواقب تضخمية. وهذا التوجه سيؤدي بدوره إلى انتعاش جميع القطاعات الإنتاجية كنتيجة لتوسع السوق الداخلية بفضل زيادة القدرة الشرائية للمواطنين. كما يجب النظر إلى قطاع الدولة كمصدر هام للتراكم في حال حسن إدارته وتخليصه من نهب الفاسدين والمتطفلين. لذلك يجب صونه وتطويره وليس إخضاعه للخصخصة المواربة تحت يافطة «التشاركية».
إن التحول الجذري في المجال الاقتصادي الاجتماعي باتجاه التقدم الاجتماعي والذي يصون ويطور الإنتاج الوطني ويحسن وضع المنتجين وجماهير الشعب عموماً سيعزز أيضاً الصمود الوطني السوري في وجه الأعداء. فالسياسة القوية تحتاج إلى اقتصاد قوي.
وأكدت اللجنة المركزية على أهمية النضال المطلبي دفاعاً عن مصالح الجماهير الشعبية وأن على الهيئات الحزبية وعلى كافة المستويات الاهتمام الجدي بهذا الشكل من النضال حتى في أصغر تجلياته.
كما أكدت اللجنة المركزية على أهمية التثقيف الحزبي بشكل منتظم وببرامج متكاملة مستندة إلى وثائق ومقررات الحزب والأدبيات الماركسية اللينينية. وأن تكون مهمة التثقيف جزءاً مكوناً من حياة جميع الهيئات الحزبية.
وجرى استعراض تقارير المنظمات عن انعقاد الاجتماعات المحاسبية السنوية والتي عكست التفاف الرفاق حول سياسة حزبهم المبدئية وأظهرت وحدة الإرادة والعمل التي يتميز بها الشيوعيون السوريون.
كما أقر الاجتماع الموسع للجنة المركزية عقد المؤتمر الثالث عشر للحزب في الموعد المحدد له حسب النظام الداخلي واعتمد الإجراءات الأولية للتحضير للمؤتمر.
كما ناقشت اللجنة المركزية أوجهاً من نشاط الشيوعيين النقابيين مركزة على أهمية تفعيل هذا النشاط خاصة في النقابات العمالية ومعايشة كل هموم الطبقة العاملة والدفاع عن مصالحها باستمرار.
واستعرضت اللجنة المركزية واقع النشر الحزبي في صيغته الالكترونية التي تمليها الظروف الموضوعية الحالية. وأثنت على عمل المنظمات في إيجاد صيغ مبتكرة لإيصال مواضيع الصحيفة المركزية. كما أكدت على أهمية حملة دعم «صوت الشعب» لعام 2023، في ضوء تحقيق جميع منظمات الحزب لالتزامات عام 2022.
واستعرضت اللجنة المركزية النشاطات الجماهيرية والفكرية التي قامت بها منظمات الحزب على شرف الذكرى 105 لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى والذكرى 110 لميلاد خالد بكداش القائد التاريخي للشيوعيين السوريين وأثنت على الجهود التي قامت بها الهيئات الحزبية في تحضير وإنجاح هذه النشاطات.
وبذلك أنهت اللجنة المركزية أعمال اجتماعها الموسع.
دمشق 25-11-2022
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري