Note: Nous publions un extrait, du livre du camarade Moammed Salah al Toumi Al Marufi, écrit en 1995, «le devenir des Nations» d’une grande pertinence encore aujourd’hui.
إن الرأسمالية التي انتصرت على نمط الأنتاج الإقطاعي بأوروبا بمعية امتدادها الإجرامي والإباديّ في «أمريكا» …بعد تجميعها للشتات القومي لشعوبها ونجاحها في استكمال شكل الأمة الحديث، وبناء الدولة- الأمة الحامية للسوق القومية أو الدولة الحامية للسوق عموما…انتقلت إلى طورها الإمبريالي وأصبحت معتدية على الطموحات القومية والوطنية للشعوب الأخرى وقامعة لها بالحديد والنار وبالحروب الظالمة بغاية التمكن من نهب الخيرات والحصول عنوة على ما يغذي إنتاج مصانعها وعلى مزيد المستهلكين لسلعها ؛
وقد عمدت الطبقات الحضرية- الهيمنية أو فلنقل الطبقات البورجوازية الامبريالية حسب تسميتها الشائعة والمعروفة، إلى محاولة منع بقية المجموعات البشرية – مهما كانت درجة تطورها – من النمو المستقل وأجبرتها قسرا على الارتباط بركبها الصناعي والتجاري، ودعمت أواصر تبعيتها لها وذلك:
أولا: بضرب الحركات القومية – أنّى وجدت – منعا لهذه الحركات من استكمال مهامها،
فهذا ما وقع للأمة العربية على سبيل المثال.
وثانيا: بالخنق الإجرامي المتواصل لكل نفس وطني يظهر هنا أو هناك؛
فهذا ما رأيناه مجسما في أمثلة عديدة لا يمكن ذكرها كلها طبعا، فهي كثيرة .
وفي هذا النطاق …مُنِحت… كل التشجيعات والإغراءات اللازمة لحفنة من السماسرة والعملاء من الكومبرادور لكي يقوموا بدور الوكلاء على حساب مصالح شعوبهم وقومياتهم لفائدة القوى الامبريالية،
ولم تكتف القوى الإمبريالية بذلك… بل تقاتلت فيما بينها تقاتل الوحوش الضارية من أجل اقتسام خيرات العالم والحصول على مرتبة السبق في النهب، فلذلك وقعت الحربان الرأسماليتان العالميتان الأولى والثانية، كما لذلك أيضا وقعت غيرهما من الحروب … وقائمة هذه الحروب طويلة كما هو معلوم.
إن القانون الذي تسير على هديه الرأسمالية عموما وفي طورها الإمبريالي خصوصا، هو قانون بسيط للغاية لأنه… قانون الغاب القديم…
فالأقوى هو الذي يفرض سيطرته،
والضعيف يداس بلا شفقة أو رحمة،
ولا إمكانية للاتزان إلا إذا كانت القوى متساوية بين طرفي صراع ما…
وهكذا فإن النادي المضيّق للدول المتطورة صناعيا وتقنيا … لا يمكن أن يُفتح بسهولة لأي وافد جديد….
كما إن الصراع يبقي على أشده بين أعضاء هذا النادي سواء:
– من أجل المحافظة على الترتيب الداخلي من قبل المحرزين على المراتب الأعلى،
أو من أجل إعادة النظر فى هذا الترتيب من قبل الطامحين إلى ذلك سواء من داخل النادي أو من خارجه.
**********************************************
محمد صالح التومي ـ المعروفي / من كتاب: » تكوّن الأمم»…صص 139-140.(مع شيء طفيف من التحيين أملته ضرورة قطع النص من سياقه في الكتاب )،
و الكتاب المذكور تمت كتابته ما بين تونس العاصمة ونبر من ولايةالكاف) ووقع الانتهاء من ذلك بتاريخ 18سبتمبر/أيلول 1993،
وتم نشره سنة 1995 بعناية من فقيد النشر التونسي المأسوف عليه: جمال الشابي…كل الرحمة والسلام إلى روحه الطاهرة.